روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | أخوك أخاك أخيك

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة


  أخوك أخاك أخيك
     عدد مرات المشاهدة: 3815        عدد مرات الإرسال: 0

- أين أمي؟

- ستعود قريباً بإذن الله..

- أين هي الآن؟

- في المستشفى..لقد أخبرتك بذهابها سلفاً..ذهبت لتحضر لك أخاً يؤنسك..

قطّبت حاجبي.. وأبعدت نظري عنه.. إنّ كلامه هذا لا يعجبني..

في كلّ مرة كنت فيها أنظر لوالدتي ببطنها المنتفخ.. أشعر وكأنّ ما في بطنها واقف على رأسي بكلّ إستفزاز..

- طفل جديد؟ نحن لا نريد طفلاً جديداً..

- لماذا؟ سيأتي ويشاركك اللعب..

إنّ هذا ما لا أريده بالضبط..أن يشاركني..سيشاركني اللعب..والغرفة.. وأيضاً سيشاركني فيكما أنتما والديّ..

- هه..ألا تريدين ذلك؟ أنا أسألك..

أشعر بالغثيان..ولذلك إكتفيت بإبداء الإمتعاض..وذهبت للنوم..ولا نوم!

جاءت أمي..أحضرت معها بطنها المنتفخ بين يديها..

يا للمصيبة..إذن..هو في الحقيقة طفل..طفل يتحرّك..طفل صغير..ضعيف..يحتاج إلى عناية..كاملة..

– أمي..احكي لي قصّة..

- ليس الآن..إنّني أرضع أخاك..

– أمي..ساعديني في لبس البلوزة..

- إعتمدي على نفسك..لقد أصبحت كبيرة..

كلّ شيء تغيّر..ليس الآن..إعتمدي على نفسك..أنت كبيرة...

إحتل مكانتي..عليّ أن أتصرّف..عليّ أن أزيله من الوجود..

لا أحد هنا..أخي نائم..أين أمي؟ جيد..في المطبخ..زحفت حتى وصلت إلى فراشه..رفعت رأسي..نفسه سريع جداً..ترى لماذا؟ لا يهمّ..كيف سأنهي الموضوع دون علم أحد؟ رائع هذه الوسادة ستخدمني..

أخذتها بين يديّ..رفعتها إلى وجهه..إبتسم تلك الإبتسامة الواسعة..هل هو يتبسم لي؟ وما أدراه؟ حتّى وإن كان يعرفها..فإنّه لن يتنازل ويقدّمها لي لأنّه يكرهني..وأنا أيضا أكرهه..

- ماذا تفعلين عندك؟ أتريدين تقبيله؟ لا بأس قبليه..ولكن بلطف لكي لا ينزعج..

سرت قشعريرة المفاجأة في جسدي..لم أقبّله..ولن أقبّله..نزلت من على السرير..وهربت من الغرفة..

أتراها بالفعل ظنّت أنّني أريد تقبيله؟ أم أنّها إكتشفت نواياي السيّئة تجاهه؟ لقد كان كلّ شيء سافراً..أحمل الوسادة بين يديّ..أضغط على أسناني بقوّة..

لا بالطبع..عرفت هدفي..ولكني..أوه..لا أدري..على كلّ حال..فإنّ معرفتها لنيّتي من عدمها لا تغيّر شيئاً في الموضوع..يجب أن أتخلّص منه وكفى..

محاولاتي فشلت..وأخي يكبر يوماً بعد يومٍ..ويزداد والداي تعلّقا به..وأنا أتألمّ.. وأتعذّب.. إصطنعت المرض..ظللت ليالياً طويلة أبكي بصوت عالٍ..ولكنّهما وإن اهتمّا بي لا يتركانه أبداً..ولذلك..قرّرت أن تكون المعركة علنيّة..إمّا أنا..أو هو..

كانت أمي تلاطفه..والدي يحمل الصحيفة بين يديه يقرؤها حيناً وحيناً يلتفت إليّ يضاحكني.. ثم يلتفت إلى أخي ويلاعبه..

هذا هو الوقت المناسب لإعلان المعركة..

رفعت يدي..وهويت بها على خدّه..مثل الطائر المذبوح فرّ من بين يديها..صرخ في جنون..إحتضنته أمّي..وحملق أبي في عينيّ..

لقد قرّرت وإنتهى..إمّا أنا أو هو..حدّدت النظر إلى عينيّ أبي..هدأ أخي..وهدأ أبي..وهدأت أمّي..

- لماذا يا حبيبتي؟ إنّه أخوك..

لا..لا يمكن أن تكون المعركة بهذا البرود..

وسدّدت صفعة أخرى إلى وجهه..صرخ أبي:

- كفى..

وعدت لأحدّ النظر إليه..تغيّر وجه أمّي:

- لماذا؟ أليس أخاك؟

وهدأ أخي من جديد..

أوووه..الوضع لا يعقل..لم تنته الحرب بعد..هجمت عليه للمرّة الثالثة..دفعتني أمّي..ودفعت أنا يدها..وسحبته من شعره..

ألقى أبي بالجريدة..أمسك بي..صاحت أمّي وهي تنظر بعينيها إليّ:

- لا..دعها..وما شأننا نحن؟ إن كنت إعتديتِ على أخيك..فإنّه الآن غاضب..غاضب جداً منك..انظري إليه..

صحيح.. علامات الغضب والثورة بادية على وجهه..رفعت أمّي صوتها كي يعلو على صوته تحدّثه:

- اهدأ يا بني..سامحها..لم تكن تقصد إيذاءك..إنّها لا تدري كم أنت تحبّها..إن سامحتها.. فحتما ستعرف ذلك..

نقلت بصري إلى شفتيه اللتين لا تزالان ترتجفان من البكاء..إلا أنّه لم يقل شيئاً..وعاودت أمّي الإعتذار منه..بالنيابة عنّي..

- أرجوك..سامحها..هيا..

وأخيرا سكت..الحمد لله..نقلت بصري إليها..قالت مبتسمة:

- رائع..لقد سامحك..

تلهّفت لمعرفة تفاصيل أكثر:

- وكيف عرفت؟ إنّه لم يقل شيئاً..

- ألم يسكت؟ وإن كان غضب منك فهذا لا يعني أبدا أنّه سيكرهك..هيا الآن جاء دورك لتقدّمي إعتذارك شخصيّاً..لكي يفرح..

إحتضنته بين يديّ..يا إلهي كدت أخسر محبّته لي..يا له من إكتشاف..أقسم أنّني لم أكن أعرف ذلك..

إذن..أنت منّا..ولست بدلاً منّي..

وفي صباح العيد..قدّم لي أبواي هديّة للعيد..

- وماذا عن هديّة أخي..

أجابني أبي:

- لقد فكرنا في أنسب هدية نقدمها له ولكنّنا لم نجد أفضل من الهديّة التي قدمتيها أنت له.

- وماذا قدمت له؟

- قدمتِ له حبّك..يكفي أنّك أخته..ويكفي أنّه أخوك..

قبل الرحيل:

أبناؤنا..يحتاجون دائماً إلى العبارات الصريحة التي تعبّر عن حبّنا وحبّ الآخرين لهم..فلا تتركوهم يعرفوا ذلك بحدسهم..لأنّهم قد لا يدركونه..

الكاتب: هناء الحمراني.

المصدر: موقع رسالة المرأة.